
يختلف الاهتمام العالمي بأي انتخابات عامة تبعا لأهمية الحكومة المنبثقة عنها، ومن هنا الاهتمام الكبير الذي يوليه العالم للانتخابات الرئاسية الامريكية من حيث كونها محدد للسياسة العالمية. الذي تتربع فيه الولايات المتحدة على عرش القطب الواحد الذي ما زال رغم بعض التراجع يحدد سياسة العالم والعلاقات بين الدول، ومع النتائج الأولية للانتخابات والتي أظهرت فوز الديمقراطي جو بايدن فتح باب التكهنات ودراسات السياسات لمستقبل السياسة العامة الأمريكية بعد الانعطافة الحادة التي أظهرها دونالد ترمب خلال فترة رئاسته الحالية ومثّل حالة فارقة كأحد أكثر ساكني البيت الأبيض جدلًا.
والانتخابات الأمريكية من أكثر العوامل حضوراً في الحالة الفلسطينية، حيث مثلت مرحلة ترمب حالة تضاد صارخة مع أقطاب الساحة الداخلية فيها وأنهى المساحة الرمادية بانحيازه المتطرف لتل أبيب، التي كانت قيادة السلطة الفلسطينية تحاول فيها بناء موقف يسمح لها بالتحرك وطرح برنامجها السياسي القائم على التفاوض والشرعية الدولية وقد وعمل ترمب على كسر كل الخطوط في التعامل مع القضية الفلسطينية من حيث الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وسيادة تل أبيب على هضبة الجولان وكذلك طرح صفقة القرن والتأييد الضمني لمخططات “الحكومة الإسرائيلية” لضم أراض فلسطينية، ضمن تلك الرؤية الأمريكية بل وصل الأمر لابتزاز الدول العربية والاسلامية على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي كشرط مسبق لعلاقات مع واشنطن.
ولعل فوز بايدن جاء كما تشتهي وتتمنى قيادة السلطة التي بادرت بشكل فوري بإعادة العلاقة مع “إسرائيل” بشكل استفز حتى جمهورها علاوة على جميع الفصائل الفلسطينية الأخرى، وكذلك تم تبريد مسار المصالحة لصالح استئناف العلاقات مع الولايات المتحدة وبعض الدول العربية والتي شهدت العلاقة فيها بعض التوتر وتبدو هذه الخطوات بوادر حسن نية للإدارة الجديدة وتسمح لها بخلق جو لاستئناف العملية السياسية وفق تصور قيادة منظمة التحرير.
وفي محاولة لاستشراف السياسة العامة الأمريكية للإدارة الجديدة، لا تظهر أي بوادر لاختراق حقيقي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتظهر إشارات ذلك بترشيح أنتوني بلينكن المولود لأبوين يهوديين والمعروف بالانحياز الكامل لـ”إسرائيل” في سياستها لوزارة الخارجية. وفي دراسة تجارب الديمقراطيين مع القضية الفلسطينية لا يظهر ما يشجع بتوقع موقف جديد يبنى عليه الآمال، ويبدو أنه قد غاب عن ذهن المستعجلين والمحتفين بقدوم بايدن أن الرجل كان نائب الرئيس الأسبق أوباما والذي رغم الآمال التي عقدت عليه لم يحدث أي اختراق بل شهدت مرحلته إغلاق باب التفاوض السياسي ولجأت السلطة لما سمي بالاشتباك الدبلوماسي وانتزاع اعتراف بدولة فلسطين والانضمام إلى هيئات دولية.